حياة الرئيس المصري الأسبق بين القمة والقاع
فبراير حياة حسني مبارك شهر الترقي والتنحي و الوفاة
كتبت لُجينه ثروت وصابرين عاطف
امضي الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك قرابة ثلاثين عاماً في الحكم وحملت حياته الكثير من الأحداث.
ولد مبارك في الرابع من مايو 1928 في قرية كفر المصيلحة بمحافظة المنوفية ؛ بمنطقة الدلتا شمال القاهرة وعقب إنتهائه من تعليمه الثانوي التحق بالكلية الحربية في مصر ؛ وحصل علي البكالوريوس في العلوم العسكرية عام 1948 ثم بكالوريوس في العلوم الجوية 1950 من الكلية الجوية.
وتدرج في سلم القيادة العسكرية فعين عام 1964 قائداً لاحدي القواعد الجوية غرب القاهرة وتلقي دراسات عليا في أكاديمية ” خرونز” العسكرية في الإتحاد السوفيتي السابق.
وفي نوفمبر عام 1967 عين مديراً للكلية الجوية في إطار حملة تجديد لقيادات القوات المسلحة المصرية عقب هزيمة يونيو 1967 ثم عين رئيساً لأركان حرب القوات الجوية المصرية وهو المنصب الذي ظل يشغله حتي تعينه قائداً “للقوات الجوية ونائباً لوزير الدفاع” عام 1972.
ومن الجدير بالذكر اشتراكه في التخطيط لحرب 6 أكتوبر 1973 حيث بدأ الهجوم المصري علي القوات الإسرائيلية التي كانت تحتل شبه جزيرة سيناء بغارات جوية مكثفة وإقتحام خط برليف ما كان أثر كبير في تحويل مبارك إلي بطل قومي.
بالإضافة إلي في العام التالي للحرب إلي رتبته فريق؛ ثم اختاره الرئيس الراحل أنور السادات نائباً له في عام 1975.
ايضاً كان لمبارك دوراً أساسياً في التفاوض مع إسرائيل حتي التواصل إلي اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 ومعاهدة السلام التي وقعت عام 1979 ، والتي إنقسمت حولها الأراء في الشارع المصري حيث إعتبرها البعض بمثابة تنازل لإسرائيل .
وبعد تعرض الرئيس الراحل السادات للإغتيال في 6 أكتوبر عام 1981 ، تولي مبارك الحكم وأدي اليمين الدستوري كرئيس للبلاد في 14 أكتوبر 1981 .
وفي سياق متصل اعيد انتخابه رئيساً للبلاد في استفتاءات شعبه كمرشح أوحد أعوام 1987، و1993 ،و 1999 حيث يحدد الدستور المصري فترة الرئاسة “ست سنوات” دون حد أقصي .
وفي عام 2005 أقدم مبارك علي تعديل دستوري جعل إنتخابات الرئاسة بالإقتراح السري المباشر وفتح باب الترشيح لقيادات الأحزاب وأعيد إنتخابه بتفوق كاسح علي منافسيه.
افتقرت شخصية الجاذبية التي استحوز عليها كلا من الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات، كما لم يتبني أيديولوجية معينة بقدر اعتماد اسلوباً براغمايتا وهو مذهب فلسفي يعني انه يتصرف ويعمل من خلال النظر الي النتائج العملية المثمرة التي قد يؤدي اليها قراره وهو لا يتخذ قراره بوحي فكرة مسبقة او أيديولوجية سياسيه محددة، والبراغمايتون لا يعزفون بوجود أنظمة ديمقراطية مثالية إلا انهم في الواقع ينادون بإيديولوجية مثالية مستترة قائمه على الحرية المطلقة ومعاداة كل النظريات الشمولية.
كما التزام اتفاقية السلام متحدياً القوي المعارضة لها، وفي حين لقيت سياسته الخارجيه ترحيباً وإشاره الغرب لقيت له أعداء في الداخل والعالم العربي وقد تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا عام 1995.
وواجهت سياسته مصاعب كثيرة فعلي الصعيد الداخلي لم يتمكن من حل معضلات متأصلة مثل البيروقراطية واسعة الإنتشار والبطالة العالية والتضخم المتفاقم والتنامي السكان السريع وبرغم من ذلك شهد عهده تنفيذ مشروعات كبري مثل مترو الإنفاق وتوشكي وإسكان الشباب في المدن الجديدة، كما عمل علي مقاومة المطالب بإجراء إصلاحات في ولايته الخامسة ولكن لم يمكنه ذلك من تفادي الإنتقادات بشأن ما يصفه المعارضون بـالشلل السياسي وغياب الرؤية الشاملة، وتصاعد من المعارضة بعد انتخابات مجلس الشعب في نوفمبر عام 2010.
والتي أسفرت من إنتخاب برلمان يسيطر عليه الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بأغلبية تزيد عن 90%.
شهدت مصر في 25 يناير 2011 سلسة تظاهرات حاشدة امتددت لأيام وبلغت أوجها في 28 يناير التي سميت بجمعة الغضب والذي إنتهي بفرض حظر التجول ونزول الجيش إلي شوارع القاهرة وعدة مدن وخرج مبارك علي التلفزيون في ساعة متاخرة ليعلن حل الحكومة.
وفي 29 يناير 2011 أقدم علي إجراء ظل يرفضه لثلاثة عقود وهو تعين نائب له وأختيار مدير المخابرات اللواء عمر سليمان للمنصب كما كلف وزير الطيران في الحكومة المقالة أحمد شفيق بتشكيل حكومة.
وفي 11 فبراير 2011 أعلن نائبه تخلي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن منصبه كرئيساً للبلاد وتكليف المجلس العسكري بإدارة شؤون البلاد.
وفي 3 أغسطس 2011 قدم للمحاكمة العلنية بتهمة قتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير وقد مثل أول رئيس عربي سابق يتم محاكمته أمام محكمة مدنية وتم الحكم عليه بالسجن المؤبد في 2 يونيو 2012 وتم إخلاء سبيله من جميع القضايا المنسوبة إليه وحكمت محكمة الجنح بإخلاء سبيله بعد انقضاء فترة الحبس الإحتياطي في 21 أغسطس 2013.
وفي 29 نوفمبر 2014 تم تبرئته من جميع التهم الموجهه إليه امام محكمة إستئناف القاهرة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي.
وفي 9 مايو 2015 تم إدانته هو ونجليه في قضية قصور الرئاسة وأصدرت محكمة جنايات القاهرة حكماً بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات.
وبعد طريق طويل من الإنجازات والنجاحات والإخفاقات توفي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك صباح اليوم 25 فبراير 2020 عن عمر 92 عاماً بعد صراع مع المرض.
وتم إعلان حالة الحداد العام بكل أنحاء الجمهورية لمدة 3 أيام.