اللغة العربية و تتابع الأجيال
كتبت / حبيبة محمد
“أنا البحر.. أنا البحر في أحشاءه الدُر كامنٌ
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي؟”
بداية من ذلك البيت لحافظ إبراهيم أبني مقالتي
في العصر الحالي و خاصة في الآونة الأخيرة انحدرت اللغة العربية كما أنها تشوهت بإضافة العديد من المصطلحات الغربية عليها، و بقي استخدامها أمرًا عاديًا و كأنما تلك الكلمات لها علاقة باللغة، اُستعمِرت اللغة من الكثير و لكنها تخرج في كل مره كما هي، لا ينقصها شئ بل يزيدها صلابة و تمسك بقواعدها و مصطلحاتها، و مع توالي الأجيال و انفتاح الثقافات أصبحت اللغة ضعيفة شيئًا فشئ، إلى أنها في طريقها للإندثار، و كلما تقدمت في العمر كلما عفى عليها الزمن و كأنها كهل يفقد قوته و شغفه بالحياة.
و كما ذكر حافظ إبراهيم في قصيدته “أنا البحر” أن اللغة العربية ترثي نفسها، و توضح أن السبب الأول و الأخير في ازدهار اللغة أو انحدارها هو الشعب المتحدث بها و مدى فخره باللغة المنتمي إليها، فمؤخرًا ظهرت لغات العصر مثل كتابة أحرف إنجليزية بينها أرقام –الفرانكو- أو تعريب الكلمات الغربية و دمجها في اللغة و كأنها عربية، و تكبر الأجيال على تلك المصطلحات المتعربة و تنسى أصل اللغة، و تتوالى الكلمات الغير عربية إلى أن تُطمس و ينسى العالم اللغة العربية و من يتحدثون بها، و تُمحى شعوبًا بأكملها.
و بالأضافة إلى ذلك لم يأخذ المهتمون باللغة بعض الخطوات لإعادة مكانتها مره آخرى، بل على العكس كلما تقدم الزمن كلما طغت لغة العصر عليها و تدفنها، و تتوالى مصطلحات غريبة أصبحت شائعة و من العادي التفوه بها أثناء الحديث، بل يعتبر الحديث راقي و لامع بإضافة تلك الكلمات الغريبة، و إن تحدث أحدهم باللغة العربية الفصحى لأطلقوا الناس عليه لقب المجنون أو الغير معاصر.
اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم
و ما كان ليكون بلغة غيرها، و هي لغة الضاد، الحرف الغير موجود إلا عندها، و مع ذلك ينجذب الكثير للأشياء التقليدية و بين يديهم كل ما هو نادر و عتيق، و تنتمي اللغة العربية إلى أسرة اللغات السامية المتفرعة من مجموعة اللغات الإفريقية و الآسيوية، بل الأقرب إلى االغة السامية و منها انبثقت باقي اللغات، حيث أنها بها أصوات لا توجد في اللغات السامية الآخرى.
انبثقت من تلك اللغة علومًا كثيرًا منها
علم النحو، علم البلاغة، علم العروض و القوافي، الإشتقاق، التصريف، الإعراب، و علم الترادف و التضاد
و كان قد ذُكر أن اللغة العربية في القديم يتعلمها كل من يريد أن يرتفع شأنه و تعلى مكانته، و بالرغم من كل ذلك لم تقوَ اللغة على الإستمرار و مواكبة التطورات الأخيرة بل غزتها المصطلحات الغير لائقة و كلمات من مختلف اللغات.
و من الأسباب الآخرى لضياع تلك اللغة:
عدم زرع حب اللغة العربية، و عدم الإهتمام بها و قلة استخدامها في الأوقات التي يفترض أن تستخدم فيها، مثل المحاضرات و مجالس الشعراء، و لكي تستعيد اللغة العربية مكانتها فعلى المختصين بها إعادة التحدث بها في العموم و مع العامة و مع كل شخص، ليصبح تداولها أمرًا سهلًأ، و لابد من تدريسها صحيحًا منذ الصغر، و محاولة غرسها بطريقة سهلة و محببة للأطفال، ليكبروا على حبها، و تصبح متداولة و منتشرة بين العالم أجمع.