الجعران
قصة قصيرة للكاتب والأديب / نعيم الأسيوطي
الجعران
يسيطر القرد الذهبي على حديقة البشر المثمرة، عندما رأى فيها الحقد والطمع.. ورؤوس أينعت.. ودماء تنزف مجانية.. وجوعى يأكلون من فضلات القمامة.. ومرضى يموتون فوق فوهة أنابيب الجلوكوز.. ومعاشرة بنات ( تيك توك ).. وأصحاب الوعود الباطلة.. وأحكام الميزان المقلوب.. وكل الموبقات التي ذكرت في كتب الله المباركة.
هكذا سيطر القرد الذهبي على حديقة البشر، التي كانت ولا تزال مثمرة بلا بشر.
في اليوم الأسود الأخر.. قام القرد الذهبي بدعوة أخوته وأبنائه القرود إلى اجتماع عاجل لتوزيع المهام الجديدة، يحضر الجميع في ثياب أنيقة. وعربات تمشي على أجساد البشر الأذلاء، يجلس الجميع على الكراسي الفاخرة، والعبيد من أبناء البشر.. يقدمون لهم أكباد أبنائهم على إطباق الفول السوداني والموز الوطني، ونساء القبائل يرقصن مثلما ولدن صغارا وأحرارا من بطون أمهاتهن، واليوم ليس بيومهن.. ففي الأيام الماضية قد تم بيعهن.. في سوق الاتحاد قوة.. ونصرة الدين فرض.. والولاء والطاعة العمياء للجماعة ودولة الكيت وكيت، هكذا باعوا وتخلصوا من نسائهم في سوق النخاسة لصالح المرابطين الأحرار، تركوا الوطن.. الأم، والبكر فضوا بكارتها ليستمر دماء حيضها لصالح العلامات التي رفعت على صدورهن.. علامات الندالة شرف.
سجلت كل القنوات الضاحكة الحدث الهام في تاريخ البشر، وقال المذيع اللامع انقلب السحر على الساحر، والفرجة أصبحت مجانية في المشرق والمغرب.
انتفض الابن الأصغر للقرد الذهبي.. وضرب المذيع على رأسه.. فسقطت الكاميرا وكل ما فيها على الأرض المدنسة بأقدام الطغاة.. وعباد الكراسي المهرة.
توجه إليه الأب.. ومنحه ضربات متتالية على رأسه، يفقد الابن على أثرها الوعي والذاكرة، حمله الخصاة خارج الحديقة، وكتبوا على ظهره الابن العاق والمعارض المجنون، يمشي بعيدا إلى ارض الله الطاهرة.. فيسقط في ارض موحلة بالطين.. لكنها مثمرة بالنخوة والكرامة، ينظر في كل الاتجاهات.. فيرى الجعران يصنع من الطين.. فلاح يزرع الأرض.. وحداد يصنع سيفه.. ونساء تعلم الأطفال معنى وطن جديد وشعب جديد, ظل يتابعه باهتمام ويبتسم, عادت إليه الذاكرة.. فغاب الجعران.