متابعة/انتصار حسين
يتعرض اللاجئون السوريون لضغوط قاسية في لبنان لإجبارهم على العودة إلى بلادهم التي لا تزال تعاني أوضاعا مضطربة وظروفا معايشة صعبة للغاية .
ورغم أن تلك الضغوط ليست جديدة، ولكنها زادت بشكل لافت في الآونة الأخيرة مع تفشي جائحة فيروس كورونا،
وتدهور الأوضاع الاقتصادية إلى نحو غير مسبوق وفقدان العملة المحلية أكثر من 80 بالمئة من قيمتها خلال عام، وانتشار البطالة مع انهيار كبير في مستوى الخدمات العامة.
ويشكل مليون لاجئ سوري نحو 20% من سكان ذلك البلد الصغير الذي تبلغ مساحته نحو 10 آلاف كيلومتر، مما جعله ورقة صراع بين مختلف الأفرقاء السياسيين،
مع وجود توجه عام لدى التيار الوطني الذي يرأسه صهر الرئيس اللبناني، جبران باسيل، وحزب الله لطرد اللاجئين السوريين وإجبارهم على العودة إلى مناطق سيطرة الجيش السوري.
وأوضحت مستشارة الدعم في المجلس النرويجي للاجئين إيلينا ديكوميتيس، أن جميع سكان لبنان يعانون، ولاسيما اللاجئين، مع تناقص موارد الحياة والمعيشة.
وفي أكتوبر، قدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن ما يقرب من 90% من السوريين في لبنان باتوا يعيشون تحت خط الفقر المدقع،
بعد أن كانت تلك النسبة تشكل 55% في العام السابق.
وأوضحت المفوضية أنه في يوليو الماضي جرى استبعاد 90% من السوريين عن فرص العمل، مما أثر على دخلهم وتدهور مستوى معيشتهم
والجدير بالذكر بأن السلطات تسعى لفرض مزيد من القيود والإجراءات لجعل معيشة السوري صعبة في بلاد الأرز.
وكان لبنان قد منع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من تسجيل السوريين في 2015، لذا فإن حوالي 90 بالمئة منهم ليس لديهم إقامة قانونية.
ولم تقم الدولة قط بإنشاء مخيمات رسمية للاجئين للسوريين، كما فعلت للفلسطينيين،
وعوضا ذلك يعيشون في ضواحي بيروت أو يستأجرون شققًا حيثما أمكنهم ذلك،
بيد أن معظهم عالقون في مخيمات عشوائية مكونة من خيام وأكواخ على أرض مستأجرة من ملاك لبنانيين.
في الآونة الأخيرة، قامت السلطات بمطاردة السوريين الذين يعملون بدون تصاريح عمل، إلى جانب حملات لهدم العديد من أماكن سكناهم العشوائية بذريعة عدم وجود تراخيص بناء.
وغادر عدد قليل فقط من السوريين لبنان إلى سورية منذ عام 2011.
رغم أن العديد من استطلاعات الرأي تؤكد رغبة الغالبية في العودة في حال تحسن الظروف الأمنية.
وذكر العديد من السوريين في لبنان لصحيفة “واشنطن بوست” أنهم يخشون الاعتقال أو القتل حال عودتهم إلى بلادهم.
وتوضح نجوى، 34 عاماً، وهي سيدة مطلقة من حلب وتعيش حاليا في كوخ متهالك بمنطقة المنية قرب مدينة طرابلس شمالي لبنان،
أنها لا يمكن للمرأة أن تعيش بمفردها في سورية بدون وجود رجل يحميها في ظل انفلات أمني واجتماعي.
ونجوى، التي أعطت اسمها الأول فقط حرصًا على الخصوصية، تعمل حالياً على رعاية أرض مالكها اللبناني.
وقالت إنها لم تكسب الكثير، موضحة أن أجرة يومين عمل لا تكفي ثمن وجبة طعام يوم واحد، بدون ذكر تكلفة إيجار سكنها التي ترتفع بشكل متواتر.
وتقول إنها بحاجة لمساعدات ماسة من أجل تأمين أدوية والدتها المسنة التي تستطيع تحمل ثمنها،
وكذلك لإعانة ابنتها المراهقة البالغة من العمر 18 والتي أجبرها والدها على الزواج من لبناني يزيد عمره عن الأربعين عاما، وتسعى الآن للانفصال عنه.
زر الذهاب إلى الأعلى