كتب / محمد مرزوق
تشهد السلفادور، إحدى دول أمريكا الوسطى، تحديات أمنية خطيرة تتعلق بوجود عصابات إجرامية تعرف باسم “مارا سالفاترشي” (Mara Salvatrucha) و”باندا ديل باريو 18″ (Barrio 18). تعتبر هاتين العصابتين من أكثر الجماعات الإجرامية عنفًا وتنظيمًا في المنطقة، وتمتلكا شبكة واسعة تمتد عبر العديد من البلدان.
تأسست عصابة مارا سالفاترشي في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة في الثمانينيات، على يد مجموعة من المهاجرين السلفادوريين الهاربين من الحرب الأهلية في بلادهم. تطورت العصابة بمرور الوقت وانتشرت إلى دول أخرى في أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية. بدأت العصابة بتنفيذ أعمال إجرامية متنوعة مثل القتل والسرقة والاتجار بالمخدرات، واشتهرت بعنفها الشديد واستخدام العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها.
على الرغم من أن الهدف الأصلي لتشكيل هذه العصابات كان حماية الأعضاء من العنف والظلم في المجتمع، إلا أنها تحولت مع مرور الوقت إلى تنظيمات إجرامية تهدد الأمن العام وتنشر الرعب بين المواطنين. تتخذ العصابتان من العنف والترهيب أدوات للسيطرة على الأحياء وتحقيق أرباحها من الأنشطة غير القانونية، مثل تهريب المخدرات والابتزاز والاتجار بالبشر.
تأثير هاتين العصابتين على السلفادور والمنطقة بأسرها كان هائلاً. فقد أدت نشاطاتهما الإجرامية إلى زيادة معدلات الجريمة والعنف في البلاد، وأثرت سلبًا على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. تعرض السكان المدنيون للتهديد المستمر والابتزاز، وكثيرًا ما يجبرون على الانضمام إلى صفوف العصابات أو دفع رسوم حماية. تعاني الشباب والأطفال من خطر التجنيد القسري، حيث يتم استغلالهم في تنفيذ أعمال إجرامية.
واجهت الحكومة السلفادورية تحديًا هائلًا في التصدي لهذه العصابات. استخدمت الحكومة مختلف الأدوات القانونية والأمنية لمكافحة العصابات، بما في ذلك تشديد العقوبات على أفراد العصابات وتعزيز الأمن والمراقبة في المناطق المتضررة. تم أيضًا إطلاق مبادرات لتأهيل أعضاء العصابات وتوفير فرص لإعادة دمجهم في المجتمع. ورغم بعض التقدم الذي تحقق في مكافحة العصابات، إلا أنها لا تزال تشكل تحديًا كبيرًا للسلفادور ومنطقة أمريكا الوسطى بشكل عام.
من الواضح أن مكافحة عصابات السلفادور تتطلب جهوداً شاملة ومتعددة المستويات. ينبغي تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة وتبادل المعلومات والخبرات بين الدول المتأثرة. يجب أيضًا الاستثمار في التنمية الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق التقدم الشامل وتوفير فرص العمل والتعليم للشباب، مما يقلل من قابلية انضمامهم إلى العصابات.
علاوة على ذلك، يجب تعزيز النظام القضائي وتعزيز العدالة وتوفير الحماية للشهود والمبلغين عن الجرائم. ينبغي أيضًا أن تكون هناك تركيز على تعزيز الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية لتعزيز الوعي وتقديم الدعم للضحايا وتعزيز ثقافة السلم والعدالة في المجتمع.
في النهاية، يجب أن يتحلى الإرادة السياسية والتزام الحكومات المعنية بمكافحة عصابات السلفادور وتحقيق الأمن والاستقرار. يجب أن تكون هناك استراتيجيات شاملة تتضمن الأبعاد الأمنية والاجتماعية والاقتصادية للتصدي لهذا التحدي الخطير وضمان مستقبل أفضل للسلفادور وشعوب المنطقة بأسرها.
